اعلان عيد البشارة عيدا رسميا في الناصرة
عودة الى اجمل ما في تقاليد الناصرة
*لفتة علي سلام هي لفته انسانية هامة جدا* عيد بشارة العذراء مريم هو عيد الناصرة الأهم عبر كل تاريخها*صفحة من يومياتي عن عيد البشارة:يا عدرا يا ام المسيح ارفعي عنا التصاريح*
نبيل عودة
فاجاني مجلس الطائفة الارثوذكسية في الناصرة باعلانه انه ليس من صلاحيات رئيس البلدية علي سلام الاعلان عن البشارة عيدا رسميا للناصرة. اعتقد ان المجلس يذهب بعيدا في مواقف غير جوهرية الهدف الظاهر منها الوقوف ضد رئيس البلدية على سلام. هذا الموقف لا يعبر الا عن مواقف لا تمت بصلة لمجمل مواطني الناصرة.
علي سلام انتخب رئيسا بفارق 10400 صوت عن الرئيس السابق الذي نعتز به أيضا وبما انجزه لمدينة الناصرة، الهدف ليس مناطحة رئيس البلدية ببيانات رفض وادانة، انما مد اليد والتعاون لما فيه خلق اجواء انسانية تسهل على البلدية خطواتها في خدمة المواطنين.
ان لفتة علي سلام هي لفته انسانية هامة جدا ، يعيد فيها للناصرة احد اهم اعيادها.
الموضوع أعزائي ليس دينيا كما طرحه مجلس الطائفة الأورتوذكسية في الناصرة. عيد بشارة العذراء مريم هو عيد الناصرة الأهم عبر كل تاريخ مدينتنا.. وعبر كل تاريخ ظهور المسيح والدين المسيحي وانتشاره العالمي..
قد تكون ذاكرتكم قصيرة.. لكن الناصرة كانت دائما تعتبر هذا العيد من أهم اعيادها وأكثره فرحا انسانيا وتكاملا اجتماعيا بين كل اهلها من جميع الطوائف.تاريخ الناصرة هو تاريخ البشارة اذا صح هذا التعبير. وكل خطوة تقوم فيها بلدية الناصرة لإضفاء صفة رسمية على عيد البشارة – عيد الناصرة المميز، هي خطوة مباركة وهامة.
تعالوا احدثكم عن قيمة يوم البشارة في حياة الناصرة وجميع اهلها من كل الطوائف.
*****
من ذكرياتي عن عيد البشارة
يا عدرا يا ام المسيح ارفعي عنا التصاريح
الناصرة مدينة المسيح كما تعرف، لها عيد خاص هو عيد البشارة، "عيد الناصرة" كما يسمى... حين بشر الملاك جبرائيل العذراء مريم انها ستلد ابن الله يسوع المسيح.
لهذا العيد قيمة خاصة في الناصرة.. كان يجري الاحتفال البارز في كنيسة البشارة للروم الأرثوذكس ، يحضر البطريرك الأورتوذكسي من القدس، عادة بعد الصلوات الرسمية يقام احتفال في ساحة الكنيسة الرحبة يحضره كل مواطني الناصرة من كل الطوائف، هذه هي ابرز قيم ذلك العيد واعياد الناصرة التي لم تعرف التفرقة بين مسيحي ومسلم. اصلا من كان ينتبه الى كون ذلك الشخص مسيحيا او مسلما؟ لاتينيا او كاثوليكيا او اورتوذكسيا؟ كنا ابناء وطن واحد منكوب ـ اعيادنا واحدة ، فرحنا واحد وألمنا واحد..
كانت تعقد دبكة في ساحة كنيسة البشارة يشارك بها المئات من كل الطوائف وكيف لا والناصرة بلد التفاهم والمحبة.كان الاحتفال يتميز بشعبيته ، تقوم حلقات الدبكة، والمميز الأكبر كان مشاركة سيافان من عائلة مزاوي النصراوية يرقصان بشكل فني بالسيوف لتصبح السحجة حولهما حلقة واسعة يشارك فيها اهل الناصرة كتفا الى كتف.. وكانت تتوارد قناني العرق من اهل حارة الروم وخاصة من طيب الذكر اسحق كردوش.
تفتح القناني ويخلط بعضها بالماء لتدور على الجميع، الجميع يشرب، واعني المسلمين والمسيحيين... والسحجة تصبح اكثر حماسية، السيافان يبدعان ب "القتال" الراقص .. والعرق يتدفق من كل النواحي.. ثم تبدا المسيرة من ساحة الكنيسة الى دير المطران (كنيسة القلاية) يتقدمها كشاف الروم الذي يضم شبابا مسيحيين ومسلمين يسيرون امام موكب المطران وضيفه البطريرك الي دير الروم في مدخل سوق الروم،وورائهم المئات او الآلاف في سحجة اولها وصل قرب دير الروم وآخرها ما زال قرب كنيسة البشارة.
المسيرة (السحجة) التي بدأت كاحتفال ديني تتحول بدون مقدمات الى تظاهرة سياسية يطرح فيها المحتفلين هموم حياتهم ويعبرون عن غضبهم من الظلم والتمييز العنصري بأبشع صوره في تلك الأيام، خاصة نظام الحكم العسكري الذي يضيق الخناق على عمال الناصرة(والعرب في اسرائيل بشكل عام) بقانون التصاريح التي تقيد حركتهم وتستعمل احيانا كجهاز للانتقام من "السلبيين" الذين لم ترهبهم الاعتقالات والتضييق على الأرزاق.. وواصلوا نضالهم ضد تعسف السلطات العنصرية رغم الثمن القاسي الذي دفعوه هم وأبناء عائلاتهم.
كان عيد البشارة مناسبة للتعبير عن واقعنا الصعب ايضا.. وتمجيدا للمسيح في مدينته التي أعطيت فيها البشارة بميلاده.
بدون مقدمات تنطلق الهتافات المحبوسة بالصدور ضد الحكم العسكري وتعسفه وتصاريحه .. وتنطلق الأهازيج الوطنية والزغاريد وتتحول الدبكة التي يصطف فيها الرجال والنساء جنبا الى جنب الى تظاهرة عفوية... كانت صفوف السحجة تمتد من ساحة كنيسة البشارة حتى مدخل دير المطران.. أكثر من 3 كيلومتر.. ويرقص المحتفلون بعيد البشارة ويطلقون اغاثة للعذراء مريم سيدة البشارة:
يا عدرا يا أم المسيح ارفعي عنا التصاريح
ستي يا عدرا نجينا من الحكم العسكري خلصينا
يا عدرا احمينا احمينا احنا الك التجينا ( أي التجأنا)
هذه بعض الأبيات التي أتذكرها. سالت كبار السن لعلهم يتذكرون، للأسف ضاعت بقية الأبيات..
بعد ان تفرغ قناني العرق ، التي لا تخلو منها السحجة والتي لها حصتها في الغزل مثل: "اللذة مش من اول كاس اللذة بقاع القنينة" وغيرها من أغاني الغزل بالعرق يبقى الهم الوطني...
ما بقي ان أذكره ان الشرطة لا بد ان تعتقل مساء بعض المتظاهرين الذين بحت اصواتهم وهم يهتفون ضد الحكم العسكري ويناشدون ام المسيح ان ترفع عنهم التصاريح!
مثل هذا العيد هو عودة الى اجمل ما في تقاليد الناصرة ... ويستحق علي سلام ان نشكره لإقراره عيد البشارة عيدا رسميا.
nabiloudeh@gmail.com
الأحد مايو 26, 2019 12:59 am من طرف نبيل عودة
» فلسفة مبسطة: الماركسية بين الجدلية والمركزية
الجمعة يوليو 13, 2018 9:52 am من طرف نبيل عودة
» الرأسمالية في التطبيق!!
الأربعاء مارس 07, 2018 10:42 pm من طرف نبيل عودة
» مطلوب مرشحين لرئاسة بلدية الناصرة
الثلاثاء يناير 30, 2018 6:59 pm من طرف نبيل عودة
» مؤسسة الفكر للثقافة والاعلام تصدر كتابا الكترونيا لنبيل عودة
السبت ديسمبر 23, 2017 7:25 am من طرف نبيل عودة
» خواطر ثقافية حول ديوان الشاعرة نعيمة عماشة: "يمام ورصاص"
الأحد سبتمبر 24, 2017 11:00 am من طرف نبيل عودة
» الواقع الثقافي العربي ومفهوم الحداثة
الإثنين سبتمبر 11, 2017 10:59 am من طرف نبيل عودة
» ديماموغيا
السبت سبتمبر 02, 2017 6:18 am من طرف نبيل عودة
» يستحق الاعدام
الثلاثاء أغسطس 22, 2017 11:06 pm من طرف نبيل عودة