فلسفة حمراء ..
مقالات ملفقة 24\2
بقلم ( محمد فتحي المقداد)*
يعتبر اللون الأحمر أكثر الألوان إثارة، ولفت الانتباه والتنبه من وعلى شيءٍ ما حيث يتجسّد في حياة الإنسان ، وكأن ما يجري في عروقه قد انساب، فيما يرى من ارتسام الأحمر بالأشكال والتجسيمات.
أثناء عودتي المسائية المتأخرة من عمّان إلى الكرك وقد حل ّ الظلام، وراح الباص ينهب الطريق الصحراوي وكثافة السيارات السالكة للطريق، تأملتُ عاكساتها الخلفية الحمراء، للحظة غاب ذهني بعيداً في مدلول عمّا أرى، و تنبيه السائقين – إياك والاقتراب أكثر- حافظ على دمك ودماء الآخرين، أما المسامير المنغرسة في الإسفلت وعلى الأخص الحمراء منها عند المنعطفات و المطبّات وفي وسط الطريق، إلاّ أنها تحكي رواية طويلة من المآسي والفجائع، التي حلّت بمن لقي حتفه جرّاء السرعة وعدم الانتباه.
وإشارات المرور خير من عبّر عن السلامة للجميع في حال الالتزام بقواعدها ونُظُمها، وشارتُها الخضراء الآذنة بالمسير لكل من جاء دوره مصحوباً بالسلامة.
لكن حكاية دم الإنسان تمتد من هابيل إلى يومنا هذا، مزدهرة على أيادي السفّاحين والسفّاكين لدم البشر ، من الحكام الظَلَمَه عندما هانَ عليهم الإنسان قتلاً وتشريداً . وما الجيش الأحمر السوفييتي سابقاً ذو العقيدة الشيوعية التي تؤمن بالعنف الثوري لإخضاع الشعوب بالقوة والبطش والقتل والسّحل دليل على هذا الاسم، وقد سميت الساحة الحمراء في موسكو عندما أقام إيفيان الرابع فيها مذبحة عظيمة بسبب وفاة زوجته ولذلك سُمِّيت الميدان الأحمر، وهناك من يرى اتخاذ الشيوعية اللون الأحمر لرايتهم والمنجل والمطرقة، لأنها اتخذت من الثورة على الواقع الفاسد طريقاً لتحرير العمال المضطهدين وإفناء المجتمع الرأسمالي فلابد من سفك الدماء.
ولا يفوتني الإشارة إلى قضية الهنود الحُمُر، سكان العالم الجديد ( أميركا) الأساسيين، هذا الشعب الذي عاني من ظلم و سحق على أيدي الأوربيين البيض، وهمجيتهم التي طالت الحيوانات من خلال مصارعة الثيران، وذاك المسخ الذي يلوّح للثور بقطعة قماش حمراء لتهييجه. وتنتهي غالباً بموت الثور الذي يجعلون النار في قرنه وهو يتلوى من الألم وهم يضحكون على آلام الحيوان المسكين، و يتشدقون بحماية الحيوان.
والجيش الأحمر الياباني كذلك، هو منظمة شيوعية يابانية تأسست في العام 1971 وكان في فترة من الفترات أكثر الحركات الفدائية إثارة للخوف. علاقات وطيدة مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي، توقف نشاطه في اليابان، واعتمد بالكامل على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للحصول على الدعم المالي والتدريب والسلاح. كانت أهداف الجيش الأحمر الياباني الإطاحة بالحكومة اليابانية والحكم الإمبراطوري والملكي لبدء ثورة عالمية.
وفي كمبوديا فإن الخَمِيرْ الحُمُرْ كان هو الحزب الحاكم فيما بين عامي( 1975-1979) المسؤولة عن موت 1.5 مليون شخص في ظل نظامهم، حاول زعيمهم بول بوت تطبيق متشدد للشيوعية الأغرارية، حيث يجبر كامل المجتمع على نوع من الهندسة الاجتماعية تجبرهم على العمل في مجتمعات زراعية أو في أعمال شاقة.
من الملاحظ أن كل الأحزاب الشيوعية ومنظماتها قد آمنت بالعنف و القوة في إجبار الشعوب على إعتناق مبادئها والخضوع لها، ولذلك بعد سبعين عاماً على قيام الإتحاد السوفييتي الذي انهار وأعلنت وفاته على يد غورباتشوف 1991م آخر رئيس للإتحاد السوفيتي وطريق الإصلاح ( البيرتسرويكا).
الألوية الحمراء منظمة إرهابية سرية متطرفة في إيطاليا، تأسست عام 1970 في ميلانو، قامت هذه المجموعة بارتكاب حوالي 75 عملية قتل بين أعوام 1970 و 1988، ونظمت العديد من عمليات الخطف والسّرقة والهجوم على البنوك. كما قامت أيضًا باغتيال رئيس الوزراء الإيطالي ( ألدو مورو) عام 1978م
و لا يزال قصر الحمراء في غرناطة، يروي حكاية الأندلس المجد الغابر الضائع، بعدما تسلل الوهن إلى جسم الأمة وكان سقوط غرناطة المُدوّي في التاريخ (1492)، على يد أبو عبدالله الصغير آخر ملوك بني الأحمر، وما يهمني هو سبب تسمية قصر الحمراء بهذا الاسم، فهناك رأي ينسبونه إلى بني الأحمر،الذين حكموا غرناطة بين ( 1232م- 1492م) وهناك من يرى أن التسمية تعود إلى التربة الحمراء التي يمتاز بها التل الذي تم تشييده عليها. من التفسيرات الأخرى للتسمية أن بعض القلاع المجاورة لقصر الحمراء كان يُعرف منذ نهاية القرن الثالث الهجري، الموافق للقرن التاسع الميلادي؛ باسم المدينة الحمراء.
ولم أجد معنى الفلسفة الحقيقية من تسرب الأحمر الناري الفاقع إلى خدود وشفاه النساء قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها، ولا الصورة المتداولة ذات اللون الأحمر الرامزة للحب على شكل القلب وسهم يخترقه، لا أستطيع أن أغادر تلك المعاني الحمراء الجميلة دون التعريج على تربة سورية التي ارتوت بدماء أبنائها على أيدي النظام وأعوانه والدخلاء، وأزاهير سورية المُدماة تنتحب على جرح الوطن العميق.
الكرك \ الأردن
الأحد مايو 26, 2019 12:59 am من طرف نبيل عودة
» فلسفة مبسطة: الماركسية بين الجدلية والمركزية
الجمعة يوليو 13, 2018 9:52 am من طرف نبيل عودة
» الرأسمالية في التطبيق!!
الأربعاء مارس 07, 2018 10:42 pm من طرف نبيل عودة
» مطلوب مرشحين لرئاسة بلدية الناصرة
الثلاثاء يناير 30, 2018 6:59 pm من طرف نبيل عودة
» مؤسسة الفكر للثقافة والاعلام تصدر كتابا الكترونيا لنبيل عودة
السبت ديسمبر 23, 2017 7:25 am من طرف نبيل عودة
» خواطر ثقافية حول ديوان الشاعرة نعيمة عماشة: "يمام ورصاص"
الأحد سبتمبر 24, 2017 11:00 am من طرف نبيل عودة
» الواقع الثقافي العربي ومفهوم الحداثة
الإثنين سبتمبر 11, 2017 10:59 am من طرف نبيل عودة
» ديماموغيا
السبت سبتمبر 02, 2017 6:18 am من طرف نبيل عودة
» يستحق الاعدام
الثلاثاء أغسطس 22, 2017 11:06 pm من طرف نبيل عودة