[size=24]
مع الشاعر د.فهد أبو خضرة في ديوانه:
"مسارات عبر الزوايا الحادة"
بقلم:
نبيل عودة
هذا البيت من الشعر جاءني بعد أن قرأت أول قصيدة في ديوان الشاعر الدكتور فهد أبو
خضرة "مسارات عبر الزوايا الحادة". القصيدة هي "أغنية للقدس/
المدينة الخالدة سيدة الأرض"، ما يميز هذه القصيدة ليس حرارة الحب للقدس أو
ما تمثله القدس في تكويننا وصيرورتنا، إنما صوتها الوطني الذي لا نعهده كثيراً بما
يسمى الشعر السياسي، حيث يسيطر الخطاب التاريخي/ الشعار/ الحماسة النضالية، على
فنية القصيدة وعمقها الإنساني.
أبو خضرة يثبت أن الوطنية أو الموقف السياسي لا يعني شعرياً، الشعاراتية والخطابية
او المنبرية والصراخ... مع فهد بحرارة كلماته، تشعر نفسك تلقائياً تعيد قراءة
القصيدة مرة أخرى، ليس فقط بقناعة فكرية،
إنما بطرب يكاد يبلغ درجة الطرب الصوفي.
وموعد كل الرضا والأمان".
فهد يستعير صلابة صاحب الزنج وإصراره على
العطاء. غير أن صلابة فهد هي صلابة تأملية. ولا أخطئ إذا قالت أن لها جوانب
فلسفية.
حينما تخترق الساحة
هدفاً يرمى.
إنها ليست غلطة صوفية تماماً، إنما اعتماد
للصلابة الصوفية. غير أن الصوفية ليست منهجه الفكري، إنما هي أداة (أسلوب) لتعمق
الصور الشعرية، وتفجير الموقف من داخله من ذاته، من قلب التأمل.
وإذا
ما
أعلن النصر
فلن يعلنه فيها سواك.
أما
قصيدته "ابتداء" فهي "غزلية وطنية" تشد إلى حب صوفي:
"على
شفتيها تباشير ضوء
وميلاد
نبع"
إذن الحل الذي يطرحه فهد أبو خضرة، ليس
استبدال الغفران بالعقاب، إنما بالعطاء لنغير ما في نفوس "الذين استباحوا لغة
الورد والعيون الندية"، كما يقول في مكان آخر من القصيدة.
شدني ديوان "مسارات.." للدكتور
فهد أو خضرة مع بداية قراءتي لقصائده، فانطلقت أكتب قبل أن أعرف القارئ على
الديوان.
فهد هو من جيل شعراء الرعيل الأول بعد
النكبة، نجد أجواء المأساة تنسحب على معظم انتاجهم، بحيث بات الغزل أيضاً يحمل بعض
ملامح التاريخ المأساوي لشعبنا وكأني بفهد
وزملائه من شعرائنا، يقولون أن الغزل أيضاً أصيب بمأساة الشتات وحتى ينتهي الشتات سيبقى الغزل حلماً، تماما
كحلم العودة، لأن المغني كما يقول في قصيدته "الساحات والدائرة الهوجاء"
:
"والمغني
لم يعد يقدر
أن
يطبع فوق الشفتين
بسمة
بلهاء".
وينهي
هذه القصيدة، بسؤال، لكنه أقرب إلى الصفعة، والازدراء:
"أترى
يبق لنا،
أيها
السادة والقادة،
بعد
يوم،
باب
للرجاء؟".
لاحظت أن فهد يعود بمعظم قصائده للبحر وما
يرتبط به كرمز للتشرد والشتات، بحيث نرى البحر يمتد على عرض الديوان وطوله.
قصائد فهد يجب أن تقرأ بوعي كامل.
فالتماسك في القصيدة يجعلها سبيكة واحدة. نجد ذلك في ديوانه في القصائد العمودية
المقفاة، المميز لهذه القصائد، هو خلوها من الحشو الذي يميز قارضي هذا الشعر، من
القدماء والحديثين، بحيث كثيراً ما تتحول قصائدهم إلى مجرد نظم يقاس بالمسطرة ،
يخلو من العاطفة ، من الفكرة ومن الحلم الشعري.. هنا تبرز شاعرية فهد أبو
خضرة وفي الواقع هذا هو الامتحان للشاعر.
أعتقد أن فهد أبو خضرة أستطاع أن يعطينا حلماً
شعرياً وأنسياباً شعرياًَ أيضاً في نظمه
المقفى:
د. فهد أبو خضرة، في ديوانه "مسارات
عبر الزوايا الحادة"، يثبت وجوده في مسارات الشعر، نصه الشعري يميل إلى
الرمزية دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان المتلقي للمناخ الشعري والفكرة. أحياناً يقترب
من البساطة ليكشف الفكرة، يحافظ عبر قصائد الديوان كلها على رونق متميز ومليء بعطر
شعري خاص به وبروح شعرية متوثبة.
ورب صدفة خير من الف ميعاد. التقيته صدفة
في مكتبة وجرنا الحديث الى توقفه عن كتابة الشعر، تفاجأ وقال لم اتوقف وانه أصدر
ديوانين جديدين، اخرهما في هذا العام – 2012 ("عائدون الى الورد")
اهداني نسخة منه.
قراءتي الأولى للديوان اعادتني الى المراجعة
التي نشرتها قبل عشر سنين تقريبا. مفاجأتي كانت ان التجديد لدي فهد كان عبر تعميق
مسيرته محافظا على نمط اسلوبي وفكري ميز ديوانه "مسارات..." ويبدو اني
ساعود لتقديم قراءة اعمق لديوانه "عائدون الى الورد".
مع الشاعر د.فهد أبو خضرة في ديوانه:
"مسارات عبر الزوايا الحادة"
بقلم:
نبيل عودة
هذا البيت من الشعر جاءني بعد أن قرأت أول قصيدة في ديوان الشاعر الدكتور فهد أبو
خضرة "مسارات عبر الزوايا الحادة". القصيدة هي "أغنية للقدس/
المدينة الخالدة سيدة الأرض"، ما يميز هذه القصيدة ليس حرارة الحب للقدس أو
ما تمثله القدس في تكويننا وصيرورتنا، إنما صوتها الوطني الذي لا نعهده كثيراً بما
يسمى الشعر السياسي، حيث يسيطر الخطاب التاريخي/ الشعار/ الحماسة النضالية، على
فنية القصيدة وعمقها الإنساني.
أبو خضرة يثبت أن الوطنية أو الموقف السياسي لا يعني شعرياً، الشعاراتية والخطابية
او المنبرية والصراخ... مع فهد بحرارة كلماته، تشعر نفسك تلقائياً تعيد قراءة
القصيدة مرة أخرى، ليس فقط بقناعة فكرية،
إنما بطرب يكاد يبلغ درجة الطرب الصوفي.
وموعد كل الرضا والأمان".
فهد يستعير صلابة صاحب الزنج وإصراره على
العطاء. غير أن صلابة فهد هي صلابة تأملية. ولا أخطئ إذا قالت أن لها جوانب
فلسفية.
حينما تخترق الساحة
هدفاً يرمى.
إنها ليست غلطة صوفية تماماً، إنما اعتماد
للصلابة الصوفية. غير أن الصوفية ليست منهجه الفكري، إنما هي أداة (أسلوب) لتعمق
الصور الشعرية، وتفجير الموقف من داخله من ذاته، من قلب التأمل.
وإذا
ما
أعلن النصر
فلن يعلنه فيها سواك.
أما
قصيدته "ابتداء" فهي "غزلية وطنية" تشد إلى حب صوفي:
"على
شفتيها تباشير ضوء
وميلاد
نبع"
إذن الحل الذي يطرحه فهد أبو خضرة، ليس
استبدال الغفران بالعقاب، إنما بالعطاء لنغير ما في نفوس "الذين استباحوا لغة
الورد والعيون الندية"، كما يقول في مكان آخر من القصيدة.
شدني ديوان "مسارات.." للدكتور
فهد أو خضرة مع بداية قراءتي لقصائده، فانطلقت أكتب قبل أن أعرف القارئ على
الديوان.
فهد هو من جيل شعراء الرعيل الأول بعد
النكبة، نجد أجواء المأساة تنسحب على معظم انتاجهم، بحيث بات الغزل أيضاً يحمل بعض
ملامح التاريخ المأساوي لشعبنا وكأني بفهد
وزملائه من شعرائنا، يقولون أن الغزل أيضاً أصيب بمأساة الشتات وحتى ينتهي الشتات سيبقى الغزل حلماً، تماما
كحلم العودة، لأن المغني كما يقول في قصيدته "الساحات والدائرة الهوجاء"
:
"والمغني
لم يعد يقدر
أن
يطبع فوق الشفتين
بسمة
بلهاء".
وينهي
هذه القصيدة، بسؤال، لكنه أقرب إلى الصفعة، والازدراء:
"أترى
يبق لنا،
أيها
السادة والقادة،
بعد
يوم،
باب
للرجاء؟".
لاحظت أن فهد يعود بمعظم قصائده للبحر وما
يرتبط به كرمز للتشرد والشتات، بحيث نرى البحر يمتد على عرض الديوان وطوله.
قصائد فهد يجب أن تقرأ بوعي كامل.
فالتماسك في القصيدة يجعلها سبيكة واحدة. نجد ذلك في ديوانه في القصائد العمودية
المقفاة، المميز لهذه القصائد، هو خلوها من الحشو الذي يميز قارضي هذا الشعر، من
القدماء والحديثين، بحيث كثيراً ما تتحول قصائدهم إلى مجرد نظم يقاس بالمسطرة ،
يخلو من العاطفة ، من الفكرة ومن الحلم الشعري.. هنا تبرز شاعرية فهد أبو
خضرة وفي الواقع هذا هو الامتحان للشاعر.
أعتقد أن فهد أبو خضرة أستطاع أن يعطينا حلماً
شعرياً وأنسياباً شعرياًَ أيضاً في نظمه
المقفى:
د. فهد أبو خضرة، في ديوانه "مسارات
عبر الزوايا الحادة"، يثبت وجوده في مسارات الشعر، نصه الشعري يميل إلى
الرمزية دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان المتلقي للمناخ الشعري والفكرة. أحياناً يقترب
من البساطة ليكشف الفكرة، يحافظ عبر قصائد الديوان كلها على رونق متميز ومليء بعطر
شعري خاص به وبروح شعرية متوثبة.
ورب صدفة خير من الف ميعاد. التقيته صدفة
في مكتبة وجرنا الحديث الى توقفه عن كتابة الشعر، تفاجأ وقال لم اتوقف وانه أصدر
ديوانين جديدين، اخرهما في هذا العام – 2012 ("عائدون الى الورد")
اهداني نسخة منه.
قراءتي الأولى للديوان اعادتني الى المراجعة
التي نشرتها قبل عشر سنين تقريبا. مفاجأتي كانت ان التجديد لدي فهد كان عبر تعميق
مسيرته محافظا على نمط اسلوبي وفكري ميز ديوانه "مسارات..." ويبدو اني
ساعود لتقديم قراءة اعمق لديوانه "عائدون الى الورد".
الأحد مايو 26, 2019 12:59 am من طرف نبيل عودة
» فلسفة مبسطة: الماركسية بين الجدلية والمركزية
الجمعة يوليو 13, 2018 9:52 am من طرف نبيل عودة
» الرأسمالية في التطبيق!!
الأربعاء مارس 07, 2018 10:42 pm من طرف نبيل عودة
» مطلوب مرشحين لرئاسة بلدية الناصرة
الثلاثاء يناير 30, 2018 6:59 pm من طرف نبيل عودة
» مؤسسة الفكر للثقافة والاعلام تصدر كتابا الكترونيا لنبيل عودة
السبت ديسمبر 23, 2017 7:25 am من طرف نبيل عودة
» خواطر ثقافية حول ديوان الشاعرة نعيمة عماشة: "يمام ورصاص"
الأحد سبتمبر 24, 2017 11:00 am من طرف نبيل عودة
» الواقع الثقافي العربي ومفهوم الحداثة
الإثنين سبتمبر 11, 2017 10:59 am من طرف نبيل عودة
» ديماموغيا
السبت سبتمبر 02, 2017 6:18 am من طرف نبيل عودة
» يستحق الاعدام
الثلاثاء أغسطس 22, 2017 11:06 pm من طرف نبيل عودة