غريب يدخل حارتنا
نبيل عودة
ظهر في حارتنا فجأة. من الصعب تحديد دقيق لوقت ظهوره، جاء أمس؟ جاء أول أمس؟ تجمعت شهادات مختلفة، بعضها ذهب للإصرار على انه مضى على ظهوره في حارتنا أسبوع بالتمام والكمال، وربطوا بين ظهوره وبين بداية بث التلفزيون لتمثيلية قصة حياة أم كلثوم. آخرون قالوا أن هذه تخيلات، فظهوره محصور بالأربع والعشرين ساعة الأخيرة. فحارتنا صغيرة، وبيوتها قريبة من بعضها البعض، بالأبنية وبالعلاقات، وانه لا يجوز أن يكون جميع أهل الحارة قد اغفلوا ظهوره لهذا الوقت الطويل، الذي يكاد يتجاوز الأسبوع بكامله، وهذا التحليل فيه منطق، كما يعتقد أغلبية أهل الحارة .
هذا النقاش اشغلنا ليلة كاملة، وبعدها لم نعد إليه، صار خلفنا، وصارت حقيقة ظهوره هي الأهم. وباتت معرفة تفاصيل عنه في رأس سلم الأولويات.
ظننته كما ظن ذلك أهل الحارة ضيفاً عابراً عند احد الجيران.. وبعد أن طالت ضيافته بدأنا نبادله تحيات أطول، ونحاول في جلساتنا أن نقارن انطباعاتنا ومعلوماتنا عنه، ونستفسر عنه أصحاب الحوانيت في حارتنا، علّهم يوسعون معلوماتنا عنه وعن شؤونه ومن يكون وما علاقته بالمضيفين؟
أيجوز انه ضيف ثقيل إلى هذا الحد؟ أو يكون احد أبناء حارتنا الذين غادروا قبل سنين؟! كبار السن من أهل حارتنا لم يتذكروا وجود شبيه له أو ما يمت إليه بصلة، سلسلوا المرحومين والمسافرين للخارج والمنتقلين لأحياء أخرى، واستصعبوا الوصول إلى من يشبهه شكلاً وجيلاً. حتى أم إبراهيم، ذاكرة الحارة وسجل أيامها ومولدة نصف إناثها وذكورها، أعلنت بعجز وأسى خلو سجلها من كل ما يمكن أن يربط الضيف الجديد بحارتنا.
وربما هو ليس مجرد ضيف!! يبدو انه ساكن جديد عند جيران مختلفين بعض الشيء عنا، يحافظون على مسافة من كل أهل الحارة، رغم بشاشة وجوههم وحسن سيرتهم.الله يخلق الناس مختلفين مثل أصابع اليد ولا اعتراض على أمره.هذا أكيد ..!
وبدأت تحاك الخطط لكشف ما خفي من أمر الضيف/الساكن على غفلة من أهل الحارة، غير أن ما صعب وعقد الخطط، كون الجيران "انعزاليين" حسب تعبير بقال الحارة وقارئ الصحف الوحيد فيها، والذي يتحف جلساتنا بتعابيره الغريبة والمسلية التي يحفظها عن الصحف، ويدبها بمناسبة وغير مناسبة، ولولا وجود أولئك الجيران لما فهم أهل الحارة المعنى الدقيق لكلمة "انعزاليين" البعض توجسوا أن يكون استعمال هذا التعبير يوازي الكفر،فاستغفروا ربهم وطلبوا رحمته.
أما الصعوبة الثانية في كشف المعلومات الموثوقة فكون هؤلاء الجيران بحركة دائمة. الزوج يعود مرة في الأسبوع. وبالكاد تراه أبراج المراقبة، رغم أن كل التحركات ترصد وتبلغ لمجالس السهرة بتفصيلاتها الدقيقة، وحتى نلتزم الدقة، هناك إضافات لا بد منها لجعل السهرات "رومانتيكية" كما يقول البقال..وقد فهم أهل الحارة أن "الرومانتيكية" هي المبالغة.. غير أن البقال عجز عن إعطاء التفسير الواضح، فطلبوا إليه حفظ سخافات الصحف في تجاويف دماغه.. والصعوبة الأخرى أن الزوجة تعمل بالتعليم وتتعلم مساء وهي دائمة الانشغال أو "تعمل حالها مشغولة"كما تقول أم إبراهيم.
وهي لذلك تعتذر عن الاشتراك بقعدات القهوة وفتح البخت ومعرفة المخفي، الذي لا يخفى على أم رياض، وأم رياض طعنت في السن وبدأت تخربط بين اسماء احفادها، ويقال ايضاً بين اسماء ابنائها، لكن المستقبل لا يخفى عنها وتورده كما في نشرات الأخبار، مفصلاً ومطولاً،ومليئاً بالتعليقات والتحليلات والتوقعات،والإمكانيات المطروحة، وهي تؤمن أن الإنسان ليس مسيراً تماماً لكنه ليس مخيراً بشكل مطلق، وانه يقدر في حالات ما، أن يتوكل على عقله ويغير بعض الأمور، لكنه لن يغير المصائر. والحاجة أم سليمان وافقت أم رياض بالكامل لكنها لا تدري أين سمعت هذا القول "اعقل وتوكل" فهي متأكدة انه مكتوب في الكتب.
وما يميز أم رياض كفتاحة بخت هو نصائحها التي لابد منها لمواجهة كل طارئ تكتشفه داخل فنجان القهوة. وكثيراً ما أنقذت (برؤيتها الثاقبة للطالع المثبت في فنجان القهوة) أبناء الحي من غدر عزرائيل أو من مصائب اقل قسوة، وهذا مؤكد على ذمة نساء الحارة مجتمعات ومنفردات، ويقلن أن أم رياض كانت تنذر صاحبة البخت بما هو معلوم وواضح في قعر الفنجان أو على حوافه،وكيفية الاستعداد الكامل للطارئ القادم،وأحيانا تعطي إشارات لا بد من تذكرها والانتباه لها، وانه لا بد من الاستعانة عندها بالحاجة أم سليمان لتبخير المنزل وتلاوة الآيات الكريمة ورش الملح خارج البيت، إذ يقال إن الأرواح الشريرة لا تحب طعم الملح وترتعب من تلاوة القرآن ، ومن ثم , إذا كان الطارئ مرضا , يجب الانتقال للطبيب، ليواصل ما بدأته الحاجة من علاج وطرد للأرواح الشريرة، مما يمهد الطريق للعلاج.
توصلت النساء إلى ضرورة اخذ أسرارهم من صغارهم أي من أولاد الانعزاليين الذين يشاركون أولاد الحارة بعض ألعابهم قبل استدعائهم بلهجة آمرة للعودة إلى البيت. لكن الأولاد مقلون بالكلام، نسخة من أهلهم.
حثت النساء أولادهن على استقاء المعلومات عن الضيف الغريب من أبناء الانعزاليين.. غير أن الأولاد لا يقلقهم ما يقلق ذويهم وينسون ما أوكلوا من مهام حينما تسخن اللعبة.
اشتدت الحيرة بالحارة،وحتى لا نغفل أمر ما يجري لا بد من أن نسجل أن محاولات بعض النسوة لاستدراج أولاد العائلة الانعزالية في الحديث لم توفق،وفشلت فشلاً ذريعاً، وكاد يصل حد الفضيحة،إذ انتبهت الأم ومنعت أولادها من النزول للعب.
اتهم الرجال نساءهم بأنهن قليلات خبرة في مجال التحري والتحقيق. بل واحتد احد الرجال واتهمهن بأنهن قليلات عقل. وذكر رجل آخر آية قرآنية كما قال، تؤكد صحة قلة عقل النساء. إحدى الزوجات تحدت زوجها غاضبة أن يجلس حضرته ويجري التحريات وعمليات الرصد وجمع المعلومات بدلاً منهن، وبدلاً من التلفظ بالتهم الجائرة والاهانات. صاح رجلها بغضب، إن الجواسيس كانوا دائماً من الرجال، وتحدى أن تذكر امرأة اسم جاسوسة؟! ودعم كلامه بأسماء معروفة، مثل رأفت الهجان، الذي شاهدوا حلقات المسلسل عنه في الصيف الماضي، وأضاف آخر حتى جواسيس أعدائنا كانوا من الرجال. هل سمعتم باسم ايلي كوهين وما فعله بالسوريين؟! وقال آخر،انه حتى في أمريكا، أم المساواة، الجواسيس من الرجال، فهذا بولارد.. يتجسس لإسرائيل، وصاح شاب متحمس انه حتى الجاسوس جيمس بوند كان رجلاً وان النساء كن لمتعته فقط. فنزل الصمت على رؤوس الرجال،فهم لم يسمعوا بهذا الجاسوس، ولا يريدون أن يظهروا جهلهم أمام نسائهم، ثم أن قصة تمتعه بالنساء كانت ثقيلة وغير لائقة لتقال في محضر مشترك بين رجال ونساء الحارة.وكان أفضل لو تركها لجلسة رجالية.. وهنا نطق شيخ الحارة حكمه غير القابل للرفض وهو أن الرجال كانوا دائماً قوامين على النساء ديناً وشرعاً وعقلاً.
انسحبت بعض النساء باستنكار، ولأول مرة يحدث انقسام واضح رغم الصمت الذي تواصل بسبب حذر النساء من تأزيم زائد للموقف. ومع ذلك بقي المخفي يستفز أهل الحارة ويثير حيرتهم.
كان الضيف/الساكن الجديد يخرج باكراً كل صباح، مهندماً على آخر طراز، يفوح منه عطر ذكي، مما دفع الرجال للاقتراب منه ومبادلته ابتسامات واسعة وتحيات صباحية عطرة، متنشقين رائحة عطره الذكي، وقد أثار نوع العطر وثمنه خيال الحارة، خاصة الرجال. وأضاف حججاً جديدة لضرورة الكشف عن المخفي. البعض قال انه عطر مستورد من مصانع البغاء في الغرب، التي تصنع هذه العطور لجعل المرأة طوع بنان الرجال. آخرون استخفوا بهذا التحليل، وقالوا أن صناعة العطور اليوم حدودها السماء، وانه من الخطأ مقارنتها بالكولونيا الرخيصة والمغشوشة التي تباع ببقالة الحارة. وان العطور اليوم أثمانها تشابه أثمان الذهب، هذه المسألة استصعب الرجال استيعابها. أما النساء فتحسرن، مما أثار حفيظة وخوف بعض الرجال، فقطعوا حديث العطور، وقالوا انه من الواضح أن الضيف/الساكن مليونير من إياهم وبالطبع لم يكن من الصعب الطعن بهذه النظرية، لعدم امتلاك الضيف/ الساكن سيارة فاخرة، فهو يستعمل نمرة 44 وهي إشارة للحذاء. وكان الضيف يعود آخر النهار مهندماً معطراً كما لو انه محفوظ في براد. وثار تساؤل جديد، كيف يطيق الضيف ربطة العنق والجاكيت في هذا الحر؟ وأضيف هذا السؤال إلى لائحة المخفيات التي لا بدمن توضيحها وتفسيرها.
المسألة التي تستحق وقفة خاصة أن الراصدات من النساء،اكتشفن أن الضيف ظهر حتى هذا الوقت ب (7) بدلات مختلفة الألوان والتفصيل و ب (12) قميصاً بألوان مختلفة. واختلفوا على عدد ربطات العنق، بسبب صعوبة التمييز بين ألوانها من نقاط المراقبة والرصد، فمنهن من تصر أنها ( ربطات عنق حتى اليوم، ومنهن من تصر على (12) ربطة عنق تماماً بعدد القمصان. لكنهن اتفقن أن يبقين هذه المعلومات طي الكتمان عن مجلس الرجال، نكاية بهم من الاهانة الجماعية التي طالتهن، غير أن "سمر" ضعيفة النفس، التي تشترى وتباع بابتسامة من زوجها، اعترفت في لحظة ضعف بهذه المعلومات السرية. وكاد اعترافها يحدث طوشات بيتية بين الأزواج وزوجاتهم، بسبب شعور المهانة وفقدان الهيبة، واستهتار النساء الظاهر بمركز الرجال، بإخفاء أسرار يجب إلا تخفى، حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه، ويتدهور امن الحارة واستقرارها،وما ينقص رجال حارتنا في هذا الزمن الرديء أن يتعطلوا عن أعمالهم للقيام بمهمات الاستطلاع والرقابة؟! حقاً النساء قليلات عقل، بل و"قليلات دين أيضا" كما قال شيخ الحارة وأضاف: "ان كيدهن لعظيم" . أما المسألة التي استصعب رجال حارتنا هضمها، فهي كيف يعرف زوج سمر، الحديث العهد بالزواج والمسؤولية، هذه الأسرار وهم ذوو النفوذ والسطوة تخفى عنهم؟
وجهن النساء اللوم لسمر التي فضحتهن، وتقرر فرض مقاطعة نسائية كاملة عليها عقاباً لها للخروج عن كلمة النساء وفضح أسرارهن. غير أن زوج سمر لم يهزه الأمر. طمأن سمر بأن هذه المقاطعة لا تختلف عن المقاطعة العربية لإسرائيل، سرعان ما تصبح فتحاتها اكبر من فتحة طبقة الأوزون. قد يعالجون فتحة الأوزون، مهما طال الزمن، أما أوزون المقاطعة العربية فيتسع باستمرار، ونفس الحالة مع نساء الحارة.. وقال لها: ابدئي بجارتنا الحجة أم سليمان فهي المفتاح. تحملي كشرتها وادعيها لتبخر البيت، فهي تعشق هذه المهمة وتكرس لها كل وقتها وتفكيرها وأحلامها.
قالت له سمر إنها لا تؤمن بهذه الخرافات والتقاليع. طمأنها بأنه لا يختلف عنها، ويعتبرها تمثيليات مسلية، لكننا أبناء حارة يسري علينا ما يسري على الجميع ونقبل ما يقبلون، هكذا السياسة يا سمرة. وبهذا الشرح الوافي والواضح تعلمت سمر أول دروس السياسة، وبناء عليه كشفت لزوجها معلومة جديدة بأن الراصدات سجلن حتى اليوم، استعمال الضيف لـ (3) أزواج من الأحذية المختلفة، فطالتها قبلة من رجلها،وهكذا كان.
مع صباح اليوم التالي، رصدت سمر خروج أم سليمان لبلكون بيتها،مقابل بلكونها بالضبط، فسارعت سمر تلقي على جارتها تحية الصباح بصوت قصدت أن تسمعه عاشر جارة..أجابت الحجة ببرود وبعدم رغبة ظاهرة في تبادل ما هو أكثر من التحية. غير أن سمر عاجلتها بطلب تبخير البيت، خوفاً من أرواح شريرة تكون وراء فلتان لسانها وتخريب سر نساء الحارة. وقالت إنها كئيبة وتشعر بتوعك وإنها لولا ذلك لما فتحت فمها, إذ أن زوجها رأى حالتها وأصر أن يعرف ما تعانيه ويبدو أنها كشفت السر وهي غائبة عن الوعي.
توردت خدود الحجة وفتحت عينيها بيقظة،وانهالت تخاطب سمر بيا حبيبتي ويا روحي ويا ضو عيني، ويا فلذة كبدي، والعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن العفاريت والجن، وتمتمت بآيات مقطعة، وصلت كلمات متناثرة منها لا يربطها رابط بمعنى واضح، وقالت بصوت مرتفع لتسمعها الجارات: "أنا في الطريق إليك يا سمر يا روح أمك.. لن ابقي لهم أثرا بإذنه تعالى".
وهكذا انتقلت المعلومة من بيت إلى بيت، بأسلوب يضاهي بسرعته وانتشاره أفضل محطات التلفزة، مثل تلك التي نقلت لصالوناتهم حرب العراق المسماة "الجزيرة" وحتى أفضل من سرعة انتقال الأخبار المفبركة لدار الإذاعة الإسرائيلية.
دب النشاط في الحارة، وتجمعت الجارات داخل وخارج بيت سمر لحضور طرد الأرواح الشريرة من بيتها.
قامت الحاجة بجهد واضح، وبذلت ما في وسعها من قدرة صبر وقوة إيمان، حتى ظهرت شرايين عنقها وأجهدها التعب والعرق، وما أن أتمت مهمتها، حتى تساقطت متهالكة على الكنبة، فسارعت إليها سمر بكوب ماء بارد.
أما المفاجأة الكبيرة التي لم يتوقعها احد فهي أن الراصدات في الصباح التالي ابلغن المتجمعات في بيت سمر أن الضيف لم يظهر هذا الصباح، فأصابهن الخبر بالذهول والحيرة ومضت عدة أيام وصار عدم ظهور الضيف مرة أخرى حقيقة متجلية.
وتعطلت أو كادت مشاريع الرقابة وتوقفت النقاشات واختلافات الرأي وبدأ الملل يتسرب للبيوت، فتطفأ الأضواء في ساعات مبكرة ويلهو كل رجل بما كتب له.
وفي صباح احد الأيام وحتى قبل ذهاب الرجال إلى أعمالهم، طرقت أم سليمان باب بيت سمرة بقوة، صارخة بفرح شديد أنها تعرف الآن حقيقة الضيف المزعوم، فهو ظهور للشيطان بصورة بشرية بهية، اختفى حينما نجحت أم سليمان بإخراج روحه النجسة من بيت سمر وأنقذت الحارة من أحابيله، فالحمد لله!!
nabiloudeh@gmail.com
الأحد مايو 26, 2019 12:59 am من طرف نبيل عودة
» فلسفة مبسطة: الماركسية بين الجدلية والمركزية
الجمعة يوليو 13, 2018 9:52 am من طرف نبيل عودة
» الرأسمالية في التطبيق!!
الأربعاء مارس 07, 2018 10:42 pm من طرف نبيل عودة
» مطلوب مرشحين لرئاسة بلدية الناصرة
الثلاثاء يناير 30, 2018 6:59 pm من طرف نبيل عودة
» مؤسسة الفكر للثقافة والاعلام تصدر كتابا الكترونيا لنبيل عودة
السبت ديسمبر 23, 2017 7:25 am من طرف نبيل عودة
» خواطر ثقافية حول ديوان الشاعرة نعيمة عماشة: "يمام ورصاص"
الأحد سبتمبر 24, 2017 11:00 am من طرف نبيل عودة
» الواقع الثقافي العربي ومفهوم الحداثة
الإثنين سبتمبر 11, 2017 10:59 am من طرف نبيل عودة
» ديماموغيا
السبت سبتمبر 02, 2017 6:18 am من طرف نبيل عودة
» يستحق الاعدام
الثلاثاء أغسطس 22, 2017 11:06 pm من طرف نبيل عودة